يمثل نظام الشركات السعودي الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/132 بتاريخ 1 / 12 / 1443هـ تحولاً جوهرياً في البيئة القانونية المنظمة لقطاع الشركات في المملكة العربية السعودية. يهدف هذا النظام إلى تحديث وتطوير الإطار القانوني للشركات، وتبسيط إجراءات تأسيسها وإدارتها، وتعزيز مبادئ حوكمة الشركات، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ومواكبة أفضل الممارسات العالمية والتطورات الاقتصادية الحديثة.
أهداف نظام الشركات السعودي الجديد:
يمكن تلخيص أهم أهداف نظام الشركات السعودي الجديد في النقاط التالية:
- تسهيل ممارسة الأعمال: تبسيط إجراءات تأسيس الشركات وإدارتها وتصفيتها.
- تشجيع الاستثمار: جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال توفير بيئة قانونية جاذبة ومستقرة.
- دعم ريادة الأعمال: توفير إطار قانوني ملائم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع الريادية.
- تعزيز حوكمة الشركات: تطبيق أفضل ممارسات الحوكمة لزيادة الشفافية والمساءلة وحماية حقوق المساهمين.
- تطوير قطاع الشركات: تمكين الشركات من النمو والتوسع والمساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية.
- مواكبة التطورات: الاستجابة للمتغيرات الاقتصادية وتلبية احتياجات قطاع الأعمال المتجددة.
أبرز التغييرات في نظام الشركات السعودي الجديد:
يتضمن نظام الشركات السعودي الجديد حزمة واسعة من التغييرات والتعديلات الهامة التي تطال مختلف جوانب دورة حياة الشركة، ويمكن إجمال أبرز هذه التغييرات فيما يلي:
-
إضافة أنواع جديدة من الشركات:
- شركة المساهمة المبسطة: تمثل إضافة نوع جديد من الشركات يتميز بالمرونة والسهولة في التأسيس والإدارة، حيث لا يشترط حد أدنى لرأس المال. ويمكن تأسيسها وتملكها من شخص واحد. وتصدر أنواعاً مختلفة من الأسهم بفئات وحقوق ومزايا خاصة. وتعتبر هذه الشركة مناسبة جداً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة والمشاريع الريادية.
- شركة المهنية: شركة مخصصة لممارسة المهن الحرة، مثل مهنة المحاماة والهندسة والمحاسبة. حيث تهدف إلى تنظيم ممارسة هذه المهن من خلال شركة ذات مسؤولية محدودة أو شركة مساهمة. وتخضع لشروط ومتطلبات خاصة تحددها الأنظمة واللوائح ذات العلاقة.
-
تسهيل إجراءات تأسيس الشركات:
- التأسيس الإلكتروني: أصبح بالإمكان تأسيس الشركة إلكترونياً بالكامل من خلال منصة مركز الأعمال السعودي. مما يوفر الوقت والجهد والتكاليف، ويسهل على رواد الأعمال والمستثمرين بدء أعمالهم في المملكة.
- إلغاء شرط الحد الأدنى لرأس المال: تم إلغاء شرط الحد الأدنى لرأس المال في بعض أنواع الشركات، مثل شركة المساهمة المبسطة وشركة ذات المسؤولية المحدودة في بعض الحالات. مما يسهل على الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة بدء أعمالها برأس مال محدود.
- تقليل عدد المستندات المطلوبة: تم تقليل عدد المستندات المطلوبة لتأسيس الشركة، وتبسيط الإجراءات والمتطلبات، مما يسرع عملية التأسيس ويقلل التكاليف.
-
تعزيز حوكمة الشركات:
- تعيين مراجع حسابات خارجي: ألزم النظام الجديد الشركات بتعيين مراجع حسابات خارجي مستقل، يتولى مراجعة القوائم المالية للشركة والتأكد من صحتها ومطابقتها للمعايير المحاسبية المعتمدة، مما يزيد من شفافية الشركات ومصداقيتها.
- توسيع صلاحيات الجمعية العامة: تم توسيع صلاحيات الجمعية العامة للشركة. لتشمل صلاحيات أوسع في الرقابة على أداء مجلس الإدارة. واعتماد السياسات والاستراتيجيات الرئيسية للشركة، وتوزيع الأرباح، وتعديل نظام الشركة الأساسي.
- قواعد أكثر تفصيلاً بشأن تعارض المصالح: وضع النظام الجديد قواعد أكثر تفصيلاً وصرامة بشأن تعارض المصالح، وإلزام أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية بالإفصاح عن أي مصالح متعارضة، والحصول على موافقة الجمعية العامة على التصرفات التي قد تنطوي على تعارض مصالح. وذلك لحماية مصالح الشركة والمساهمين.
- تشجيع المسؤولية الاجتماعية: شجع النظام الجديد الشركات على تطبيق مبادئ المسؤولية الاجتماعية، والمساهمة في خدمة المجتمع وحماية البيئة، وذلك من خلال تضمين تقاريرها السنوية معلومات عن أنشطتها في مجال المسؤولية الاجتماعية، وتخصيص جزء من أرباحها لدعم هذه الأنشطة.
-
حماية حقوق المساهمين:
- تسهيل إجراءات رفع الدعاوى القضائية: سهل النظام الجديد إجراءات رفع الدعاوى القضائية من قبل المساهمين ضد الشركة أو أعضاء مجلس الإدارة. في حالة الإخلال بحقوقهم. أو ارتكاب مخالفات قانونية. وذلك من خلال تبسيط الإجراءات وتقليل التكاليف.
- زيادة صلاحيات الأقلية من المساهمين: زاد النظام الجديد من صلاحيات الأقلية من المساهمين في الرقابة على إدارة الشركة، وحماية مصالحهم، وذلك من خلال منحهم الحق في طلب عقد جمعية عامة، وتعيين ممثل لهم في مجلس الإدارة، وطلب الاطلاع على سجلات الشركة ووثائقها.
- قواعد أكثر وضوحاً بشأن توزيع الأرباح: وضع النظام الجديد قواعد أكثر وضوحاً وشفافية بشأن توزيع الأرباح. وإلزام الشركات بتحديد سياسة واضحة لتوزيع الأرباح، والإفصاح عنها للمساهمين. وتوزيع الأرباح المستحقة خلال فترة زمنية محددة.
-
تنظيم عمليات الاندماج والاستحواذ:
- تسهيل إجراءات الاندماج والاستحواذ: سهل النظام الجديد إجراءات الاندماج والاستحواذ بين الشركات. من خلال تبسيط الإجراءات والمتطلبات، وتوحيد الجهات المختصة. وتقليل المدة الزمنية اللازمة لإتمام العملية.
- قواعد أكثر تفصيلاً بشأن حقوق المساهمين: وضع النظام الجديد قواعد أكثر تفصيلاً بشأن حقوق المساهمين في عمليات الاندماج والاستحواذ، وإلزام الشركات بالإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالعملية. والحصول على موافقة الجمعية العامة، وتقديم عرض شراء إلزامي للمساهمين المعترضين.
-
معالجة أوضاع الشركات المتعثرة:
- إجراءات مبسطة لإعادة هيكلة الشركات المتعثرة: وضع النظام الجديد إجراءات مبسطة وفعالة لإعادة هيكلة الشركات المتعثرة، وتجنب إفلاسها، وذلك من خلال تمكينها من الحصول على تمويل إضافي. وتعديل شروط ديونها. وتغيير إدارتها، وذلك تحت إشراف لجنة خاصة تشكل لهذا الغرض.
- تسهيل إجراءات تصفية الشركات: سهل النظام الجديد إجراءات تصفية الشركات التي لا يمكن إنقاذها، وذلك من خلال تبسيط الإجراءات وتقليل التكاليف والمدة الزمنية اللازمة لإتمام عملية التصفية، وحماية حقوق الدائنين والمساهمين.
شاهد ايضا”
- المحامي الشاطر في الرياض: صفاته، مهاراته، ودوره في تحقيق العدالة
- دليل شامل عن نظام الأحوال الشخصية السعودي: حقوق وواجبات الأفراد
- دور المحامي في تحقيق العدالة وفقًا للقانون السعودي
- كيف تترافع عن نفسك في المحاكم السعودية؟
تأثيرات نظام الشركات السعودي الجديد على الأعمال:
ينطوي نظام الشركات السعودي الجديد على العديد من التأثيرات الإيجابية المتوقعة على بيئة الأعمال في المملكة، والتي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. ويمكن تلخيص أهم هذه التأثيرات فيما يلي:
- تشجيع الاستثمار: من المتوقع أن يساهم النظام الجديد في جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. نظراً لما يوفره من بيئة قانونية جاذبة ومستقرة وشفافة، وإجراءات مبسطة لتأسيس الشركات وإدارتها، وحماية لحقوق المستثمرين.
- دعم ريادة الأعمال: سيلعب النظام الجديد دوراً هاماً في دعم ريادة الأعمال وتشجيع الابتكار. من خلال توفير إطار قانوني مرن وملائم للمشاريع الريادية والشركات الصغيرة والمتوسطة. وتمكينها من الحصول على التمويل اللازم. وتنمية أعمالها وتوسعها.
- تعزيز حوكمة الشركات: سيساهم النظام الجديد في تعزيز ممارسات حوكمة الشركات. وزيادة الشفافية والمساءلة، وحماية حقوق المساهمين، مما يعزز ثقة المستثمرين في الشركات السعودية. ويجعلها أكثر جاذبية للاستثمار.
- تسهيل نمو الشركات وتوسعها: سيسهل النظام الجديد على الشركات النمو والتوسع من خلال الاندماج والاستحواذ، والدخول في شراكات استراتيجية، وتنويع أنشطتها. وزيادة قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.
- معالجة أوضاع الشركات المتعثرة: سيوفر النظام الجديد آليات فعالة لمعالجة أوضاع الشركات المتعثرة، وإعادة هيكلتها، وتجنب إفلاسها، مما يساهم في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني. وحماية حقوق الدائنين والمساهمين والعاملين.
- زيادة جاذبية السوق السعودي: من المتوقع أن يعزز النظام الجديد من جاذبية السوق السعودي كوجهة استثمارية مفضلة، ويزيد من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويساهم في تنويع مصادر الدخل الوطني.
خلاصة:
يمثل نظام الشركات السعودي الجديد نقلة نوعية وإصلاحاً شاملاً للإطار القانوني المنظم لقطاع الشركات في المملكة. يهدف هذا النظام إلى خلق بيئة أعمال محفزة للنمو والابتكار. وجذب الاستثمارات، ودعم ريادة الأعمال، وتعزيز حوكمة الشركات، وحماية حقوق المساهمين. والمساهمة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. ومن المتوقع أن يكون لهذا النظام تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد الوطني. وأن يعزز من مكانة المملكة كمركز مالي واستثماري رائد على مستوى العالم.